فصل: الشاهد الثامن والسبعون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.خلع الأشرف بن أطسز واستبداد أيبك وأمراء الترك بمصر.

قد تقدم لنا آنفا بيعة أمراء التركمان بمصر للأشراف موسى بن يوسف أطسز بن الكامل وأنهم خطبوا له وأجلسوه على التخت بعد أن نصبوا للملك أيبك وكان طموحا إلى الإستبداد وكان أقطاي الجامدار من أمراء البحرية يدافعه عن ذلك ويغض من عنانه منافسة وغيرة فأرصد له أيبك ثلاثة من المماليك اغتالوه في بعض سكك القصر وقتلوه سنة اثنتين وخمسين وكانت جماعة البحرية ملتفة عليه فانفضوا ولحقوا بالناصر في دمشق واستبد أيبك بمصر وخلع الأشرف وقطع الخطبة له فكان آخر أمراء بني أيوب بمصر وخطب أيبك لنفسه ثم تزوج شجرة الدر أم خليل الملكة قبله فلما وصل البحرية إلى الناصر بدمشق أطمعوه في ملك مصر واستحثوه فتجهز وسار إلى غزة وبرز أيبك بعساكره إلى العباسية فنزل بها وانتقض عليه فتوهموا بالثورة به فإرتاب بهم ولحقوا بالناصر ثم ترددت الرسل بين الناصر وأيبك فاصطلحوا على أن يكون التخم بينهم العريش وبعث الناصر إلى المستعصم مع وزيره كمال الدين بن العديم في طلب الخلعة وكان أيبك قد بعث بالهدية والطاعة إلى المستعصم فمطل المستعصم الناصر بالخلعة حتى بعثها إليه سنة خمس وخمسين ثم قتل المعز أيبك قتلته شجرة الدر غيلة في الحمام سنة خمس وخمسين غيرة من خطبته بنت لؤلؤ صاحب الموصل فنصبوا مكانه ابنه عليا ولقبوه المنصور وثاروا به من شجرة الدر كما نذكره في أخبارهم إن شاء الله تعالى.

.مسير المغيث بن العادل صاحب الكرك مع البحرية إلى مصر وانهزامهم.

كان البحرية منذ لحقوا بالناصر بعد مقتل أقطاي الجامدار مقيمين عنده ثم ارتاب بهم وطردهم آخر سنة خمس وخمسين فلحقوا بغزة وكاتبوا المغيث فتح الدين عمر بن العادل بالكرك وقد كنا ذكرنا أن بدر الصوافي أخرجه من محبسه بالكرك بعده مقتل تورانشاه بمصر وولاه الملك وقام بتدبير دولته وبعث إليه الآن بيبرس البند قداري مقدم البحرية من غزة يدعوه إلى الملك وبلغ الخبر إلى الناصر بدمشق فجهز العساكر إلى غزة فقاتلوهم وانهزموا إلى الكرك فتلقاهم المغيث وقسم فيهم الأموال واستحثوه لملك مصر فسار معهم وبرزت عساكر مصر لقتالهم مع قطز مولى أيبك المعز ومواليه فالتقى الفريقان بالعباسية فانهزم المغيث والبحرية إلى الكرك ورجعت العساكر إلى مصر وفي خلال ذلك أخرج الناصر داود بن المعظم من دمشق حاجا ونادى في الموسم بتوسله إلى المستعصم في وديعته وانصرف مع الحاج إلى العراق فاكرهه المستعصم على براءته من وديعته فكتب وأشهد ولحق بالبرية وبعث إلى الناصر يوسف يستعطفه فأذن له وسكن دمشق ثم رجع مع رسول المستعصم الذي جاء معه إلى الناصر بالخلعة والتقليد فأقام بقرقيسيا حتى يستأذن له الرسول فلم يأذن له فأقام عند أحياء العرب في التيه فقربوا في تقلبهم من الكرك فقبض عليه المغيث صاحب الكرك وحبسه حتى إذا زحف التتر لبغداد بحث عنه المستعصم ليبعثه مع العساكر لمدافعتهم وقد استولى التتر على بغداد فرجع ومات ببعض قرى دمشق بالطاعون سنة ست وخمسين انتهى والله تعالى أعلم.

.زحف الناصر صاحب دمشق إلى الكرك وحصارها والقبض على البحرية.

ولما كان من المغيث والبحرية ما قدمناه ورجعوا منهزمين إلى الكرك بعث الناصر عساكره من دمشق إلى البحرية فالتقوه بغزة وانهزمت عساكر الناصر وظفرت البحرية بهم واستفحل أمرهم بالكرك فسار الناصر بنفسه إليهم بالعساكر من دمشق سنة سبع وخمسين وسار معه صاحب حماه المنصور بن المظفر محمود فنزلوا على الكرك وحاصروا وأرسل المغيث إلى الناصر في الصلح فشرط عليه أن يحبس البحرية فأجاب ونمي الخبر إلى بيبرس أميرهم البندقداري فهرب في جماعة منهم ولحق بالناصر وقبض المغيث على الباقين وبعث بهم إلى الناصر في القيود ورجع الكرك ثم بعث إلى الأمراء بمصر وزيره كمال الدين بن العديم يدعوهم إلى الإتفاق إلى مدافعة التتر وفي أيام مقدم ابن العديم مصر خلع الأمراء على ابن المعز أيبك وقبض عليه أتابك عسكره وموالي أبيه وجلس على التخت وخطب لنفسه وقبض على الأمراء الذين يرتاب منازعتهم كما نذكره في أخبارهم وأعاد ابن العديم إلى مرسله صاحب دمشق بالإجابة والوعد بالمظاهرة والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.